بقلم اسراء ابرهيم
المحتويات
كان عائدا من عمله رجل فى عقده السادس من العمر يبدو عليه علامات الوقار و الحكمه يخط شعره تلك الخصلات البيضاء و اللحيه البيضاء الذى تركهم الزمن له مما يزيده وقارا و أثناء سيره فى الطريق الهادئ الخالى من السيارات ليلا جذب أنتباهه سياره خارجه عن نطاق الطريق و يبدو أن صاحبها قد تعرض لحاډثه فأوقف سيارته سريعا و أتجه إليها
_ يا ستار يارب يا ستار يارب
و فتح باب السياره ليتفاجأ ب شاب يسيل منه الډماء فلابد أن هذا الشاب تعرض لحاډثه ما و ها هو مصاپ
حاول الحاج علي أخراج الشاب و سحبه إلى سيارته متمتما ب
_ أستر يارب جيب العواقب سليمه
ثم وضعه فى السياره و أنطلق بها و طوال الطريق كان ېختلس النظر إليه بين الفنيه و الأخري للأطمئنان عليه
_ اعمل أيه دلوقت مفيش غيرها زينا هى اللى هتساعدنى
وصل الحاج علي إلى أحدى المستشفيات الخاصه و عندما لمحه الممرضين أتجهوا ناحيته ب سرعه و وضعوا هذا الشاب على السرير النقال الترولي و أدخلوه العمليات سريعا
سار الحاج علي في الطرقه ناحية أحد الممرضين قائلا ب قلق
أبتسم الممرض و هم ب المغادره قائلا
_ حاضر يا حاج علي أتفضل حضرتك أستريح و أنا أشوف الدكتوره فين
و بعد فترة أتت فتاه ملامحها هادئه و جميله تمتاز ب البشرة الخمريه و العيون العسلى و الشعر البنى الطويل المسترسل فى السابعه والعشرين من عمرها
أقتربت زينا من الحاج علي قائله ب أبتسامه
ألتف الحاج علي ناحيتها ب توتر ملحوظ قائلا ب قلق
_ و أنا جاى من الشغل لقيت شاب يابنتى عايم فى دمه معرفتش أتصرف فجبته على هنا
أبتسمت زينا قائله ب هدوء محاوله أطمئنانه
_ خلاص يا بابا انا هتصرف
_ بس معتز يابنتى جوزك هتقوليله أيه
_ هو مسافر يا بابا و راجع بعد يومين و سايبلى أنا أدراة المستشفى أنا هقدر أخد بالى منه فى المستشفى هنا لحد بكرة و بعدين حضرتك تتصرف و تبلغ أهله لأنى مش عايزة مشاكل مع معتز
_ طيب تمام بس بكرة يا بابا يكون بره المستشفى دى مسئوليه عليا لا يمكن نقبل حد عديم الهويه
قالت زينا جملتها الأخير و غادرت بينما ظل الحاج علي جالس
قام أطباء المشفي اللازم لأنقاص حياته و تم نقله إلي أحدي الغرف ب المشفي و بعدها دخلت زينا للأطمئنان عليه ب نفسها
ظل الحاج على طوال الليل فى المشفى و عندما جاء الصباح قرر أن يعود إلى بيته لأخذ قسطا من الراحه
فى صباح اليوم التالى
فى بيت هادئ و بسيط ذو الطراز الفخم و له حديقه بسيطه تزينها شجرات الفاكهه و بعض الزهور كانت تجلس فتاه خمرية البشره ذات عيون بنيه واسعه و شعرها أسود مموج تبلغ أثنان و عشرون عاما جالسه على مقعد خشبي و أمامها لوحه موضوعه على حامل و بيدها فرشاه ترسم بها
دخل الحاج علي إلى بيته ليجدها ترسم ك العاده
فأبتسم قائلا و هو يضع كفه على كتفها
_ الجميل صاحى بدرى ليه !
ألتفت نور ناحية الحاج علي قائله ب أبتسامه
_ أكيد برسم يا علوة يا حبيبى
ضحك الحاج علي ب شده علي جملتها معلقا ب
_ ههههههه علوة يابنتى أحترمينى شويه و قوليلى يا بابا
وقفت نور و أحتضنت الحاج علي قائله ب حب
_ ربنا يخليك ليا يا أحلى أب
أبعدها هو عنه قائلا ب هدوء
_ طيب يلا يابنتى علشان نفطر
_ تمام يا بابا
توجهت نور ناحية المطبخ و قامت ب تحضير الأفطار و جلست لتناول الفطور مع والدها
رفعت نور وجهها ناحية الحاج علي هاتفه ب
_ هى زينا مش بتيجى ليه !
_ أصل معتز جوزها مسافر وهى مسئوله عن المستشفى مكانه
_ اها
و أثناء الأفطار رن هاتف الحاج علي معلنا عن أتصال
فأمسك هاتفه و ضغط علي زر الإيجاب ثم وضعه علي أذنه قائلا
_ الو أيوة يا زينا
_ بابا لو سمحت تعالى خد الشاب اللى أنت جبته أمبارح دلوقت
_ ليه حصل أيه !
_
معتز أتصل و قال أنه جاى و لو جه و لقيه هيعملى مشكله كبيرة
_ طيب أنا هوديه فين يابنتى لو وديته أى مستشفى هيعملولى تحقيق و أسئله بايخه
_ خلاص خده عندك فى البيت لحد ما يفوق أحنا عملناله اللازم و أسعفناه هو عايز يرتاح بس لحد ما يفوق و أنت و نور ساعدوه لحد ما يتحسن
_ خلاص حاضر يابنتى أنا جى أخده مع السلامه
ثم أنهي المكالمه و وضع الهاتف ب جيبه و وقف ليرحل و لكن أوقفه سؤال نور
_ رايح فين يا بابا !
و مين ده اللى هتاخده !
أبتسم الحاج علي قائلا قبل أن يرحل
_ لما أجى هفهمك كل حاجه المهم جهزى إنت بس أوضة الضيوف
توجه الحاج علي إلي المشفى ليحضر ذلك الشاب المصاپ بينما ظلت نور تحضر الغرفة الخاصه بالضيوف
مر نحو ساعتان حتي وصل الحاج علي و معه زينا و ذلك الشاب الذى ما زال فاقد الوعى و وضعوه فى الغرفه حيث قامت زينا بوضع بعض المحاليل له
بعد أن أنهت زينا وضع المحاليل وقفت موجهه حديثها لأختها الصغيره نور
_ بصي يا نور المحاليل دي تتغير علي طول إنت بتفهمى فى الحاجات دى و لما يفوق هتديله الأدويه دى هو بس محتاج راحه و رعايه و إن شاء الله هيفوق
وزعت نور أنظارها ب الغرفه قائله ب عدم فهم و هي تحرك كلتا يديها
_ أستنوا أستنوا هو مين ده أصلا علشان نعمل معاه كل ده !!
تنهد الحاج علي قائلا ب هدوء
_ يابنتى أنا لقيت الشاب ده عامل حاډثه على الطريق و غرقان فى دمه شيلته و وديته المستشفى بتاعت معتز بس مكنش ينفع يفضل هناك و هيفضل هنا لحد ما يتعافى
ڠضبت نور ف صاحت ب عصبيه
_ إنشالله ما تعافى حتى أحنا مالنا متلقحوه في أى مستشفى حكومى و بلغوا البوليس و هو يتصرف مش ممكن يكون حرامى و
حضرتك كمان جايبهولنا فى البيت !
نظرت زينا إلي والدها قائله قبل أن ترحل
_ طيب أنا همشى لان زمان معتز قرب يوصل و أتصرفوا أنتوا بقي !
رحلت زينا و تركت ولدها و أختها يتحدثان معا
أمسك الحاج علي ب يد نور ب هدوء و جلسا سويا علي الأريكه و وضعه كفه علي و جنتها قائلا ب صوت رخيم
_ هو ده اللى علمتهولك يا نور إنك تسيبى الناس اللى محتاجه مساعده وقت الشده و كمان لو وديته مستشفى حكومى هيتعملى أنا سين و جيم و أنا مش بحب الكلام ده و هو أصلا شكله ابن ناس و محترم !
أبتسمت نور ب هدوء قائله ب أستسلام
_ طيب اللى تشوفه يا بابا
أحتضنها الحاج علي ب قوه قائلا ب ضحك
_ هى دى نور بنتى حبيبتى الجدعه المجنونه يلا بقي ده أمانه معاك خدى بالك منه أنا ماشى علشان عندى شغل
وقفت نور مصدومه و فغرت فاها قائله ب ضيق
_ كده بعتنى و دبستنى أنا في الچثه اللي ملقحه جوه دي يا علوه
وقف الحاج علي قائلا ب جديه قبل أن يرحل
_ عيب كده يا بنت و أوعى تنسي خدى بالك منه ده أمانه
رحل الحاج علي و ترك نور و هى تشعر ب الضيق و لكن ما ب اليد حيله هذا واجبها
ظلت هي تهتم بذلك الشاب و تقوم بتغيير المحاليل له و كان و الدها يطمئن عليه بين الفنيه و الأخري
بعد مرور يومان
كانت نور جالسه بجانب ذلك الشاب ك العاده و تقوم بتغيير المحلول
ثم جلست ب جانبه و أمسكت يده لتتأكد من وضعية الأبره و لكنها شعرت ب حركه بسيطه فنظرت إلى يده لتجده يحرك أصابع يده ببطء و ضعف شديد !!
جلست نور بجانب ذلك الشاب و ألتفت إليه لتجده يحرك يده ببطء و ضعف شديد فنظرت إليه بسرعه و هي خائفه
بدأ هو في التحرك ببطء و ظهرت على تقاسيم وجهه علامات الألم حتي خرج صوته ضعيفا
_ لا آآآ أنا أنا لا يمك آآ ل يمكن أعمل كده آآآه
ثم أغلق عيناه و نام ثانية
لوهله خاڤت نور و تعجبت كثيرا مما ف حدثت نفسها ب
_ ماله ده و أيه هو اللي لا يمكن يعمله !
ثم لوت فمها في عدم مبالاه متابعه
_ و أنا مالي !
في المساء
حضر الحاج علي إلي فيلته ليجد نور ب الصاله جالسه تشاهد التلفاز فجلس بجانبها متسائلا ب هدوء
_ هاه يابنتي الولد اللي فوق عامل أيه !
وضعت الكوب الذي كان بيدها علي الطاوله الصغيره أمامها و رفعت كتفيها قائله ب عدم أهتمام
_ مش عارفه هو فتح عينه و قال أنا لا يمكن أعمل كده
و نام تاني !
_ كويس يبقي في أمل أنا قايم أطمن عليه و أنام علشان عندي شغل الصبح و نازل القاهره تصبحي علي خير
قالها الحاج علي و علامات السعاده تزين وجهه الوقور و نهض
_ و حضرتك من أهل الخير يا بابا
و من ثم إلي الغرفه المتواجد بها الشاب ليجده يغط في نوم عميق ف أبتسم ب رضي قائلا داخل قرارة نفسه
_ ربنا يقومك بالسلامه يابني
ثم دخل إلي غرفته
في اليوم التالي
كانت نور جالسه بجانبه كالعاده و لكن هذه المره تنظر له ب غموض و تضع أصابعها أسفل ذقنها محدثه نفسها ب
_ يا تري أيه حكايتك أنت !
ثم رفعت أحدي حاجبيها و وقفت متابعه
_ مش مطمنالك أنا !
في هذه اللحظه فتح الشاب عيناه و هو يتألم قائلا ب ضعف
_ آآآ أنا أنا فين آآآه
مالت نور عليه قليلا لتجده قد فاق بالفعل ف ظلت تقفز مكانها صائحه ب فرحه
_ أخيرا فوقت هي هي هي
عقد الشاب حاجبيه متسائلا
_ إنت آآإنت مين و أنا فين آآه !
أبتسمت نور قائله ب مزاح
_ ماتخفش أنت مامتش ياسيدي و أنا اللى أدبست فيك وأخدت بالي منك بس يلا حمد الله علي سلامتك
_ ليه أنا مامتش
متابعة القراءة