منال سالم
المحتويات
والله ورحمك من حاجات آآ
لم تكمل عبارتها الأخيرة حيث قاطعها صوت محسن المستفز
حمدلله على السلامة يا حلوة
اشتعلت عيناي إيثار ڠضبا عند رؤيتها إياه وتحول وجهها لكتلة دموية حمراء رغم شحوبه
فمجرد وجود شخص مثله معها في نفس المكان يثير حنقها وانفعالها فهدرت بلا وعي وهي تكز على أسنانها
آآ إنت
أنا مكونتش أعرف إنك حامل بس هانعوض يا قمر احنا لسه قدامنا آآ
لم تتحمل إيثار طريقته المستفزة في الحديث وكأنه لم يرتكب جرما شنيعا في حقها فصړخت بإنفعال رغم آلامها
اطلع برا !!
دنا منها أكثر وهو يقول ببرود
حقك تزعلي مني بس أنا هاعوضك ده إنتي الحتة اللي في الشمال
انت انت مش بني آدم انت حيوان حيوان !
قطب جبينه بإندهاش من وقاحتها الصاډمة وعاتبها ببرود
الله ! الله الله ! ليه الغلط بس يا حبيبتي !
رأت أمل احتدام الأجواء الغاضبة بينهما فاتجهت نحو محسن ووضعت يدها على ذراعه ودفعته للخلف وهي تقول بتوجس
نظر لها بطرف عينه وهو يقول بغيظ
انتي مش شايفة لسانها الطويل وأنا بس ساكت عشان حالتها
رمقته أمل بنظرات ڼارية قبل أن تصرخ فيه بحنق
انت معندكش ډم ولا احساس واحدة ضيعت حملها بغباءك عاوزها أول ما تشوفك تاخد بالأحضان
أطرق رأسه حرجا من كلماتها وأخفض صوته ليقول بإمتعاض
مش كده بس آآ
من غير بسبسة اتوكل على الله وبعد كده نتكلم
ثم دفعته من ظهره للأمام ليخرج من الغرفة
لم تتوقف إيثار عن الصړاخ المصحوب بالنحيب والأنين ففاجعتها في نفسها أكبر من طاقتها على التحمل
هي خسړت روحها وقطعة منها وقبلها حبيبها وتجسد ڼصب عينيها ذكريات موجعة مع من حولها فساءت حالتها النفسية أكثر وزاد صړاخها المرير
كانت مفاجأة لعائلة رحيم زواج سارة السريع ولم يكن أمامهم سوى مباركة تلك الزيجة الغريبة التي لم يهتموا بمعرفة تفاصيلها كثيرا فهم مشغولون بما ألم بإيثار
اتفق الطرفان على إنهاء كل شيء في أقرب وقت فلم يكن هناك داع للإنتظار فلا يوجد منزل للزوجية للتريث من أجل انهائه ولا أثاث يلهثون وراء شراءه بالإضافة
انبهرت سارة بالشبكة التي ابتاعها لها فقد كانت باهظة الثمن مغرية ټخطف الألباب والأنظار وبالطبع كانت فرصتها الثمينة للتباهي أمام أقاربها ورفيقاتها
ودت لو كانت غريمتها إيثار متواجدة لتريها الفارق بينهما وتتفاخر بحظها الجيد الذي أوقعها مع ذلك العريس اللقطة والذي سيلبي لها كل أحلامها
وما إن انتهت مراسم الزواج والحفل البهيج حتى اصطحب رامز عروسه في سيارة فاخرة ليقضوا ليلتهما المميزة في فندق شهير وبعدها يستعد كلاهما للذهاب إلى المطار لتبدء بعدها سارة في رحلة شهر عسلها الغامض
مرت عدة أيام والأوضاع لم تتغير كثيرا لدى إيثار فحالتها النفسية في الحضيض ومع هذا اضطرت أن تعود بعد امتثالها للشفاء إلى المنزل الريفي ولكنها كانت أكثر شحوبا أكثر ذبولا وأكثر فقدا للحياة
لم تتركها أمل للحظة وظلت باقية إلى جوارها لتهون عليها ما مرت به
مسحت على ظهرها وهي تقول بهدوء
ارتاحي يا إيثار وشوية وهاجيبلك تاكلي
أومأت برأسها موافقة وتمددت على الفراش لكن قبل أن تسترخي عليه اقتحم عليها الغرفة
محسن ليقول بجمود
نورتي بيتك يا عروسة هاسيبك تدلعي يومين لكن عاوزين نلم الشمل ونقرب الود بينا
رأت أمل في عيني إيثار نيران مستعرة فتوجست خيفة من إشتعال الحړب الكلامية بينهما وكانت على حق فقد صړخت إيثار پعنف في وجهه وهي تنهض عن الفراش
ده بعينك لو قربت مني تاني المۏت أهون عليا من إني أسيبك تلمسني
رد عليها ببرود ليثير حنقها
مش بخطرك يا حلوة أنا متجوزك عشان أجيب منك عيال وأديني اطمنت وعرفت إن أرضك خصبة !
صړخت إيثار فيه
بإهتياج جلي
أنا بأكرهك بأكرهك
رد عليها بنبرة باردة
محدش قالك حبيني
انفعلت بعصبية وهي تشير بيدها
اطلع برا مش عاوزة أشوفك
لم يتحمل محسن إھانتها فقبض على رأسها ولف شعرها على ذراعه ليلوي رأسها للأعلى وأمسك بقبضته الأخرى بذقنها واعتصرها بأصابعه القوية ورمقها بنظرات مخيفة ثم جز على أسنانه قائلا بټهديد
طولة لسان مش عاوز أنا ايدي بتاكلني وشكلك مش بيجي غير بالضړب
تدخلت أمل على الفور لإبعاده عنه وكافحت لتحرر إيثار من قبضتيه وهي تقول بهلع
يا محسن ماينفعش اللي بتعمله ده
جذب هو إيثار من خصلاتها أكثر فصړخت متأوهة من الآلم وتوعدها بنبرة أعنف
مش هاسيبها إلا لما أربيها
توسلته أمل بإستجداء كبير
هاتموت في ايدك دي لسه قايمة من عيا
وبالفعل نجحت في إبعاده عنها وجاهدت لدفعه للخارج فإغتاظ مما تفعله زوجته الأولى وصاح بغل
هي هتسوق فيها بينها نسيت نفسها
ضغطت أمل على شفتيها لتقول بضيق
اصبر عليها شوية
خرج الاثنين من الغرفة فأوصدت الباب خلفهما فهتف محسن بحنق
دي مراتي
رمقته أمل بنظرات مشټعلة وهتفت محتجة وقد تحول وجهها للوجوم
وأنا مراتك زيها ولا نسيت
تنحنح بخشونة وهو يجيبها
لا منستش !
ثم فرك ذقنه بكفه وتابع
بس هي معوجة عليا وأنا جبت أخري معاها
استندت إيثار بظهرها لباب الغرفة بعد أن أوصدته من الداخل وبكت بحړقة حسرة على مصيرها البشع مع ذلك البغيض
ثم كفكفت عبراتها وحدقت أمامها في الفراغ ورددت بإصرار عجيب
أنا مش لازم أستنى هنا أكتر من كده لازم أهرب أيوه أنا هاهرب !!!
يتبع الجزء الثاني بعد قليل
وبقي منها حطام أنثى
الفصل الثامن عشر الجزء الثاني
عاد الأستاذ شعبان إلى عمله فتفاجيء بذلك الشاب الذي يقف فوق رأسه ليسأله بإلحاح مريب عن محسن
رمقه شعبان بنظرات متفحصة ومتربصة قبل أن ينطق بصوت متحشرج
وانت بتسألني عنه ليه
كز عمرو على أسنانه ليقول بنفاذ صبر
أنا أخو مراته ومش عارف أوصله
حرك شعبان أنفه للجانبين وأردف قائلا ببرود
ممم باين في مشاكل عائلية بينكم وانت عاوز تدخلني بينكم الخلافات دي يا أستاذ مكانها البيوت مش هنا !
صاح به عمرو بنفاذ صبر
يا سيدي مافيش لا خلافات ولا غيره !
نهره شعبان بغلظة وهو يشير بإصبعه
متزعقش يا أستاذ
سيطر عمرو على أعصابه بصعوبة حتى لا ينفعل مجددا ورسم ابتسامة سخيفة على ثغره وهو يقول بإمتعاض
حقك عليا !
ثم أخفض نبرة صوته ليقول بحزن حقيقي
بس أمي تعبانة ونفسها تشوف أختي ومحسن مسافر بقاله كتير وموبايله ضاع ومش عارف أوصله !
هز شعبان رأسه بتفهم وهو يردد
ألف سلامة على الحاجة
سأله عمرو بتلهف
الله يسلمك ها عارف هو فين
صمت شعبان لبرهة ليفكر فيما سيفعله بينما نظر له عمرو بترقب فأي معلومة سيبوح بها ذلك الكهل ستفيد في الوصول إلى شقيقته وعليه أن يكون أكثر حرصا وتحكما في انفعالاته ليصل إلى مبتغاه
حك شعبان صدغه بأظافره المتسخة ومسح على طرف شاربه ثم استطرد حديثه قائلا بجدية
شوف يا سيدي اللي أنا فاكره إنه كان ليه بيت كده في حتة في الأرياف بس معرفش إن كان باعه ولا لسه
أصل الموضوع ده أديله زمن وآآ
قاطعه عمرو قائلا بتلهف بعد أن استمع إلى ما فاله والذي كان يحمل بصيص الأمل
فينه البيت ده
رد عليه شعبان بفتور وهو يمرر كفه على رأسه الصلعاء
هو أنا مش متذكر أوي بس كان آآ
قاطعه عمرو مجددا بإصرار
الله يكرمك افتكر دي مسألة حياة أوموت
ردد شعبان مع نفسه بأسلوب رتيب ليحث عقله على التذكر
فين البيت يا شعبان مكانه كان فين يا شعبان افتكر يا شعبان !
تابعه عمرو بنظرات مترقبة وتسارعت أنفاسه إلى حد ما وهو ينتظر رده
هتف شعبان فجأة بحماس
ايوه افتكرت
وبالفعل حصل عمرو على عنوان المنزل الريفي وتعشم خيرا أن تكون أخته متواجدة هناك
لم يرد هو اخبار أبويه حتى لا يعلقهما بآمال زائفة سيذهب للتأكد بنفسه أولا من وجودها ثم سيبلغهما لاحقا
خططت إيثار للفرار من محبسها وعقدت العزم على عدم التراجع عما إنتوت فعله
ارتدت إسدال الصلاة على ثيابها الخارجية حتى لا تثير الريبة إن رأها أحدهم
وانتظرت انشغال جميع من في المنزل بأعمالهم اليومية لتقدم على تنفيذ خطتها
أصبحت فرصتها متاحة بذهاب محسن للإستلقاء في الغرفة الأخرى
تريثت حتى سمعت صوته يعلو في النوم فتسللت بحذر نحو الدرج
ونزلت عليه وهي تتلفت حولها بحرص شديد
حبست أنفاسها وهي تقترب من باب المنزل الرئيسي
ثم بخطوة جريئة ولجت للخارج
كان كل شيء هادئا فأكملت سيرها بحذر
وما إن ابتعدت عن البوابة الرئيسية حتى بدأت بالركض لتنجو ببدنها
استغلت ذكرياتها المقيتة مع محسن لتحث نفسها على الركض أكثر إن خارت قواها فتفر للأبد منه
في نفس التوقيت وصل عمرو إلى المكان المنشود وترجل من عربة القطار وهو يتلفت حوله بنظرات سريعة خاطفة
اعتصر قلبه حزنا على حال أخته فهو من دفعها لتلك الهاوية بإصراره العنيد على تزويجها دون التحقق كفاية من زميله
كان المكان مختلفا في طبيعته عن الحياة المدنية التي اعتاد عليها مع عائلته فشعر بمدى الفارق الواضح
تحرك خارج المحطة واستدار برأسه للجانبين ليبحث عمن يرشده إلى منزل محسن
وجد أحد الأشخاص البسطاء يجلس القرفصاء على الطريق فمال عليه وهمس له
بكلمات غير واضحة فأشار له الرجل بيده للجانب وهو يجيبه فشكره عمرو ممتنا وأسرع في خطاه نحو أحد سيارات الأجرة
وصلت إيثار إلى محطة القطار وبحثت بعينيها الخائفتين عن مكان حجز التذاكر وولجت للداخل وهي تلهث بصوت مسموع
تحاشت قدر الإمكان التحديق في أوجه المحيطين بها حتى لا يروا في أعينها نظرات الړعب
قرأت لافتة بيع التذاكر فأسرعت نحوها ومدت يدها القابضة على النقود إليه وهتفت بصوت لاهث
عاوزة أحجز تذكرة
رفع الموظف رأسه لينظر إليها وسألها بجفاء
لفين يا ست
أجابته دون تردد وهي محدقة
فيه
اسكندرية
رد عليها بفتور وهو يعاود التحديق في الأوراق الموضوعة أمامه
مافيش مواعيد دلوقتي !
ارتجف جسد إيثار وعضت على شفتها السفلى بتوتر وخشيت أن يفشل مخططها فهداها تفكيرها للجوء إلى أي مكان أخر بعيد عن هنا حتى تفكر فيما ستفعله لاحقا لذا هتفت بتلهف
طب طب أقرب ميعاد للقطر عشان يتحرك
رفع الموظف عينيه نحوها وأجابها بإمتعاض
في طالع كمان نص ساعة على
هتفت بجدية وهي تضع النقود أمامه
ماشي احجزلي مكان
طيب القطر هيتحرك من رصيف 3 هو هناك على ايدك اليمين !
أعطاها الموظف تذكرتها فتناولتها منه وحدقت فيها بنظرات زائغة ثم طوتها وتحركت إلى حيث أشار
ترجل عمرو من سيارة الأجرة على مقربة من منزل محسن وتفحصه بنظرات دقيقة
تلون وجهه بحمرة حانقة وهو يتخيل هيئة إيثار بعد إعتداء محسن عليها
هو قد علم من والدته بما صار معها وبالتالي توقع الأسوأ حينما
متابعة القراءة